الخميس، 27 يوليو 2017

لا تفعل في البرمجة السلبية و البرمجة الايجابية


 لا تفعل فى البرمجة السلبية والبرمجة الايجابية

حاولوا تطبيق هذه التجربة مع طفل صغير من أبنائكم أو إخوانكم وانظروا النتائج : 
املؤوا كوبا بالماء ثم اطلبوا من الطفل أن ينقله إلى مكان آخر - المطبخ مثلا - ، فقط اطلبوا منه هذا دون أي توجيه إضافي ، سيحمل الكوب وينطلق به للمكان المحدد ، في نصف المسافة قولوا له دون مقدمات : - لا تسكب الماء أو لا تسقط الكوب - ، ولاحظوا ردة فعله وقارنوا بين سلوكه قبل هذا القول وبعده . جربت هذا عشرات المرات وكانت النتيجة واحدة في أكثر المرات ، وجدت أن الطفل قبل هذا العبارة يتصرف بطريقة تلقائية سليمة ، لكن بمجرد سماعه لهذه العبارة السلبية ، يضطرب ويرتبك ، وفي كل الحالات التي يكون فيها الكوب مملوءا تماما في كل هذه الحالات ينسكب الماء على الأرض . ما معنى هذا ؟

لنجرب تجربة ثانية توضح لنا تفسير هذا كله : ليأخذ أحدنا كوبا مملوءا تماما بالماء ويضعه في طبق صغير ، ويحمل الطبق دون أن يمسك بالكوب نفسه و يمشي به مسافة عشرة أمتار ، هل في ذلك صعوبة ؟ قطعا لا صعوبة في ذلك كل منا يستطيع أن يفعل ذلك ، جرب ذلك بنفسك ستجد أن الأمر سهلا ، لكن كرر المحاولة و أنت تستحضر في ذهنك أن الكوب يمكن أن يسقط و أن الماء يمكن أن ينسكب ، جرب ذلك وانظر النتيجة ، ماذا حدث ؟؟؟ خطواتك ستكون أقل نظرتك ستكون مركزة على الكوب نفسه ، لا أستبعد أن نسبة 90% ممن سيطبق هذا سينسكب منهم الماء رغم كل الحرص والاحتياط . ما معنى هذا ؟؟ 

تفسير هذا أن الصورة التي تحضر إلى ذهنك الواعي تبرمج سلوكك فيكون متأثرا بها ، فالطفل يحمل الكوب والصورة التي في ذهنه صورة إيجابية ، ونظرته إلى نفسه أنه قادر على القيام بهذا العمل ، لكن حينما تقول له لا تسكب الماء أو لا تسقط الكوب ، هذا الأسلوب يستحضر في ذهنه مباشرة صورة الكوب ساقطا و الماء منسكبا ، فتسيطر علي عقله الواعي هذه الصورة السلبية وتؤثر على سلوكه تأثيرا سلبيا ، تماما كما يحدث معك أنت و أنت البالغ الكبير حينما تستحضر في عقلك الواعي فكرة أن الكوب قد يسقط والماء قد ينسكب فتؤدي إلى توتر أعصابك وارتباكك رغم أن الأمر سهل يسير . جربوا هذا و تعلموا منه . 
في فندق بإحدى الدول الأوربية كانوا يقومون بتنظيف بلاط الأرضية يوما معينا في الأسبوع فيسكبون الماء والصابون والمنظفات على الأرض ، و يضعون لوحة تحذيرية تنبة الناس كتب عليها - لا تنزلق الأرض مبلولة - . 

أقيمت دراسة إحصائية كانت نتيجتها أن عدد المنزلقين يقل بنسبة كبيرة جدا إذا لم تكن هذه اللوحة التحذيرية موجودة . 

هذه آثار استخدام الأسلوب السلبي - لا تفعل - . 

حسنا فما هو الأسلوب البديل ؟؟ حينما أريد أن أقول لولدي - لا تسهر - ماذا أريد منه ؟ أريد أن ينام ، فلماذا لا أقول له توجه للنوم . حينما أقول لولدي - لا تكسر الكوب - ماذا أريد منه ؟ أريد أن يحافظ عليه ، فلماذا لا أقول له حافظ عليه ، حينما أقول لولدي - لا تكذب - ماذا أريد منه ؟ أريد أن يصدق ، لماذا لا أقول له : كن صادقا … و هكذا لماذا نعبر دائما عن الأشياء التي لا نريدها و نهمل التركيز على الأشياء التي نريدها ، لماذا نعمل على استحضار الصور السلبية إلى أذهاننا و أذهان صغارنا . 

كل هذه الأمثلة التي ذكرت تدور في محيط الأشياء العادية التي لا يتوقع منها ضرر كبير ،، لكن تخيلوا معي ما يحدث حينما أقول لولدي أو أخي الصغير بدافع التحذير الوقائي : - لا تدخن .. لا تتناول المخدرات - ، ماهي الصورة التي تحضر تلقائيا إلى ذهنه ؟ إنها صورته و هو يمارس عادة التدخين أو يتناول المخدر ، و هي صورة سلبية أنا أسستها في ذهنه لم تكن موجودة ، حقا إنها صورة بشعة ما ذنبه لكي أنبه لها ؟ 

الأدهى من ذلك و الأمر إذا أخذت أكرر مثل هذا الأسلوب ، لأن تكراره يعوده على هذه الصورة حتى تصبح مألوفة لديه ، و بالتالي يقل نفوره منها ، ويتجرأ عليها و لا أستبعد أن يدفعه الفضول لتقمص تلك الصورة الخيالية و يجرب التدخين أو حتى المخدرات . 

هل ترون إلى أي مدى يمكن أن نبرمج أذهان الآخرين دون أن نعي ؟؟؟ 

إن شعارات -- لا للمخدرات … لا للتدخين -- و أمثالها ، عبارة عن برامج تؤدي إلى عكس ما يراد منها .. فليت قومي يعلمون .   
قد يقول قائل بأن أسلوب النهي أسلوب عربي ورد في القرآن الكريم ، فكيف تنصح بالابتعاد عنه ؟ 
وأجيب عن هذا بأن أسلوب النهي أسلوب عربي لا بأس باستخدامه إن كان لا يستحضر في ذهن المخاطب صورة سلبية جديدة عليه ، فمن كان يمارس عادة التدخين لا بأس أن تقول له : لا تدخن ، لأنك لم تستحضر في ذهنه صورة غريبة عنه ، فرغم سلبيتها إلا أنها معروفة لديه ، فأسلوبك هنا لم يعمل على برمجته الذهنية ، و استعرض أساليب النهي في القرآن ستجد أنها مرتبطة بأشياء قائمة في واقع الناس ، لكن المشكلة حينما تستخدم هذا الأسلوب السلبي مع مخاطب خالي الذهن مما تنهاه عنه . 
هكذا يكون زرع القيم بأستخدم البرمجة اللغوية العصبية

الاثنين، 24 يوليو 2017

فنُّ المسافة !!




يحكى أنّ أسداً لقيَ خنزيراً

فقال له الخنزير

أتحداك فنازلني للقتال !

فقال الأسد

إنّما أنتَ خنزير ولستَ بكفؤٍ لي، ولا نظير.

ومتى فعلتُ الذي تدعوني إليه وقتلتك ، قيل

نازل الأسدُ خنزيراً وقتله وليس هذا محطّ فخر

وإن نالني منكَ شيءٌ كان ذلك سُبّةً عليَّ .

فقال له الخنزير

إن أنتَ لم تفعل رجعتُ إلى السّباع وأعلمتهم أنّك جبنتَ عن قتالي

فقال الأسد : احتمالي كذبكَ أيسر عليّ من تلطيخ شاربي بدمكَ !


الدّرس الأوّل :

ترفّعْ !

إذا كان الإنسان يُعرف بأصدقائه ؛ فإنّه أيضاً يُعرف بأعدائه !

البعض لا يستحقّون-من تفاهتهم - شرف أن تعاديهم حتى !

- إن غلبتهم لن تجد حلاوة النّصر، وإن غلبوك فستكون مرارة الهزيمة مضاعفة !


هناك معارك يكون النّصرُ فيها باهتاً مهما كان ساحقاً !

نظراً لتواضع الخصم في تلك المعركة.

ليس نصراً أن يهزم السّيف عصاً!

وليس نصراً أن يسبق عداءٌ مشلولاً!

ثمة معارك؛ الطريقة الوحيدة لكسبها، هي عدم خوضها من البداية

(وأيّ نصرٍ فيها ؛ ليس إلا هزيمة ترتدي زيّ النّصر !)


الدّرس الثّاني

عندما تُنازل خسيساً بأسلوبه تتساوى معه !

فلا تسمح لأحدٍ أن يُنزلك لمستواه!

وإن كان لا بُدّ من خوض ذلك النّزال؛  فلا تدعه يختار لكَ سلاحك، وساحة، ووقت النزال

الغايات لا تُبرر الوسائل !

والغايات النبيلة لا تبقى كذلك إذا سعينا لها بوسائل غير نبيلة !

نقاء السّلاح ضروريّ لنقاء النّصر النبيل.

(أما النّصرُ المُلوّث هزيمة أخرى؛ مهما حاولنا أن نقنع أنفسنا بغير ذلك !)


الدّرس الثالث :

في الوِفاق لا يمكن معرفة النبلاء!

تتجلى أخلاق النبلاءفي الخصومات!

النّاسُ إذا أحبّوا لانوا !

وإذا أُعطوا رضوا !

فإذا خاصمتَ أحداً ولم يتنازل عن نبله

فأصلحْ ما بينك وبينه فورا 

(فهؤلاء عملة نادرة قلّ التداول بها فلا تضيّعها!!)


الدّرس الرّابع :

ثمة فرق بين التّرفع والتّكبر

التّكبر: أن ترى أنّك أفضل من الآخرين، لأنك أكثر علماً أو مالاً أو جمالاً.

أما التّرفع: فهو أن ترى أنّ الخصومة ليست إلا صفحة في كتاب  قرأتها ، وأخذتَ منها درساً، وطويتها؛

ولا داع أن ترجع إليها مرّةً أخرى

(فترفّع ولا تتكبر


الدّرس الخامس :

البطولة الحقيقية تجنّب الخصومات، لا خوضها؛

تعامل مع النّاس كما ينصحُ الحكماء.

اتركْ مسافة أمانٍ بينك وبين الآخرين كما المسافات مع السّيارات الأخرى.

مسافة الأمان هذه هي التي تمنع -بإذن الله-الحوادث.

ولتصبح حياتك أجمل! عليكَ أن تتقن فنّ المسافات!!

فالمسافة هي التي حمت الأرض؛ من الاحتراق بالشّمس؛ ولو اقتربتْ أكثر لاحترقث؛ ولو ابتعدتْ أكثر لتجمّدتْ !

والمسافة بين الارض والقمر هي التي جعلتْ القمر يدور في فلكها؛ فلو اقتربَ أكثر لجذبته !

هندسة المسافة الدقيقة هي التي أنتجتْ كوناً رائعاً!

فكن مهندس مسافة ، واحسبْ خطواتك بدقّة !

لا تنأى أكثر مما يجب،

ولا تقترب أكثر مما يجب ؛

فعندما تبتعد أكثر مما يجب يصير الاقتراب صعباً حين تحتاجه!

وعندما تقترب أكثر مما يجب يصير الابتعاد صعباً حين يُفرض عليك ..